
شرح المجاز المرسل وأنواعه مع أمثلة شعرية
المقدمة
يُعد المجاز المرسل من أهم ألوان البلاغة في اللغة العربية، ويُستخدم بكثرة في الشعر والنثر للتعبير عن المعاني بشكل غير مباشر يحمل في طياته عمقًا وجمالًا. يختلف المجاز المرسل عن الاستعارة من حيث العلاقة بين اللفظ والمعنى، ويُعد من الوسائل البلاغية التي تُثري اللغة وتُكسبها تنوعًا وتعبيرًا أدق. في هذا المقال الموسوعي، سنشرح مفهوم المجاز المرسل، أنواعه، الفروق بينه وبين الاستعارة، مدعّمين الشرح بأمثلة واضحة وأبيات شعرية من التراث العربي.
أولاً: ما هو المجاز؟
المجاز هو استخدام اللفظ في غير معناه الأصلي لعلاقة غير المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي.
- إذا كانت العلاقة بين المعنى الحقيقي والمجازي هي المشابهة → فهذا يُسمى استعارة.
- إذا كانت العلاقة غير المشابهة → فهذا يُسمى مجازًا مرسلًا.
ثانيًا: تعريف المجاز المرسل
المجاز المرسل هو: استعمال الكلمة في غير معناها الأصلي لعلاقة غير المشابهة، مع وجود قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي.
مثال:
- “رأيتُ عينًا تبكي” → المقصود شخص يبكي وليس العين فقط.
- العلاقة هنا: الجزئية (العين جزء من الإنسان)
- هذا مجاز مرسل.
ثالثًا: علاقات المجاز المرسل
للمجاز المرسل عدة علاقات، أشهرها:
العلاقة | التعريف | مثال |
---|---|---|
الجزئية | ذكر جزء من الشيء وإرادة الكل | “رأيتُ عينيك في الميدان” ← يقصد الشخص كله |
الكلية | ذكر الكل وإرادة الجزء | “رفعَ يدهُ” ← قد يُراد بها إصبع فقط |
السببية | ذكر السبب وإرادة المسبب | “أنبتَ الربيعُ الزرع” ← الربيع سبب، والمطر هو المسبب |
المسببية | ذكر المسبب وإرادة السبب | “أكلتُ رغيفًا” ← أكلت ما في الرغيف، لا الرغيف ذاته |
الحالية | ذكر الحال وإرادة المحل | “امتلأ الكأسُ فرحًا” ← الفرح حال، والمحل هو الشخص |
المحلية | ذكر المحل وإرادة الحال | “قرأتُ المكتبة” ← قرأ ما في المكتبة لا المكتبة نفسها |
اعتبار ما سيكون | استخدام اللفظ لما سيحدث لاحقًا | “زرعتُ البستانَ قمحًا” ← القمح لم يظهر بعد |
اعتبار ما كان | استخدام اللفظ لما مضى | “هذا قبر المجد” ← المجد شيء معنوي لكنه كان موجودًا |
رابعًا: الفرق بين المجاز المرسل والاستعارة
العنصر | المجاز المرسل | الاستعارة |
نوع العلاقة | غير المشابهة (جزئية، سببية…) | المشابهة (تشبيه ضمني بين شيئين) |
وجود تشبيه | لا يوجد | يوجد تشبيه غير صريح |
أمثلة | “أكلتُ رغيفًا”، “قرأتُ المكتبة” | “رأيتُ أسدًا يهاجم العدو” ← يقصد الشجاع |
خامسًا: أمثلة من الشعر العربي على المجاز المرسل
1. علاقة الجزئية:
قال المتنبي: “وخيلٍ قد دلفتُ لها بخيلٍ…على حدِّ السيوفِ لها صليلُ”
- المجاز: “خيل” يقصد بها الفرسان، علاقة جزئية.
2. علاقة المحلية:
قال الشاعر: “وسمعتُ مصرَ تقول في صوتٍ حزينٍ…يا ويح قلبي من جراحِ بنيّها”
- “مصر” محل، والمراد الشعب أو الناس الذين يعيشون فيها.
3. علاقة السببية:
قال محمود درويش: “وغضَّ الطرفَ إن بدَتِ المعالي…تُهاديني جناحَ الحبِّ طيفًا”
- “الجناح” سبب، والمراد ما يرمز له الجناح: الحماية أو الطمأنينة.
4. اعتبار ما سيكون:
“زرعتُ الأرضَ ذهبًا”
- الأرض لا تُزرع ذهبًا، بل قمحًا مثلًا يُباع لاحقًا فيجلب ذهبًا.
سادسًا: كيف أميز المجاز المرسل في النصوص؟
- ابحث عن كلمة تُستخدم بمعنى غير مألوف.
- اسأل نفسك: هل العلاقة مشابهة أم غير مشابهة؟
- إذا كانت غير مشابهة → غالبًا مجاز مرسل.
- حاول تحديد العلاقة (جزئية، سببية، …).
- ابحث عن القرينة التي تمنع إرادة المعنى الحقيقي.
أسئلة متوقعة:
- ما تعريف المجاز المرسل؟ وما الفرق بينه وبين الاستعارة؟
- اذكر ثلاث علاقات للمجاز المرسل مع أمثلة.
- حدد نوع المجاز في الجملة: “أكلتُ الرغيف”.
- علّل: “قرأتُ المكتبة كلها” مجاز مرسل.
- استخرج المجاز من البيت الشعري واذكر نوع العلاقة.
خاتمة
المجاز المرسل يُعد من أدوات الإبداع البلاغي في اللغة العربية، حيث يُمكن الكاتب أو الشاعر من التعبير بطرق غير مباشرة تحمل دلالات أعمق وتُثير خيال المتلقي. تعلمه يُثري الذوق الأدبي ويُعزز مهارات الفهم والتحليل في النصوص.
المصادر:
- البلاغة العربية – علم البيان – د. بسيوني عبد الفتاح
- كتاب اللغة العربية للثانوية العامة – وزارة التربية والتعليم المصرية
- موسوعة البيان العربي – المكتبة الشاملة