أعراض وتشخيص مرض السكري: العلامات المبكرة والتحاليل الطبية المطلوبة

مقدمة

مرض السكري هو حالة صحية مزمنة تؤثر على قدرة الجسم على تنظيم مستويات السكر في الدم بسبب نقص أو مقاومة الأنسولين، وهو الهرمون المسؤول عن نقل الجلوكوز إلى الخلايا للحصول على الطاقة. يُعد السكري من الأمراض المنتشرة عالميًا، حيث يؤثر على ملايين الأشخاص، ويمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل أمراض القلب، تلف الكلى، وفقدان البصر إذا لم يُشخَّص ويُعالج مبكرًا. في هذا المقال، سنستعرض بالتفصيل أعراض مرض السكري، طرق تشخيصه عبر تحاليل الدم، والفرق بين مقدمات السكري والسكري الفعلي، مع التركيز على العلامات المبكرة لتوعية القارئ.

كيف تعرف أنك مصاب بالسكري؟ العلامات المبكرة

تظهر أعراض مرض السكري نتيجة ارتفاع مستويات السكر في الدم (فرط سكر الدم)، مما يؤثر على وظائف الجسم المختلفة. تختلف شدة وسرعة ظهور الأعراض بين النوع الأول والثاني من السكري. في النوع الأول، تظهر الأعراض بسرعة وتكون أكثر حدة، بينما في النوع الثاني، قد تكون خفيفة وتتطور تدريجيًا، مما يجعل الكثيرين لا يلاحظونها لسنوات. فيما يلي الأعراض الشائعة وتفسيرها العلمي:

1. زيادة العطش (Polydipsia): عندما ترتفع مستويات السكر في الدم، تسحب الأنسجة الماء لتخفيف تركيز الجلوكوز، مما يسبب الجفاف وشعورًا مستمرًا بالعطش.
2. كثرة التبول (Polyuria): تحاول الكلى التخلص من السكر الزائد عبر إنتاج كميات أكبر من البول، مما يؤدي إلى التبول المتكرر، خاصة ليلًا.
3. الجوع الشديد (Polyphagia): على الرغم من ارتفاع السكر في الدم، لا تستطيع الخلايا الاستفادة منه بدون الأنسولين الكافي، مما يسبب شعورًا بالجوع المستمر نتيجة “تجويع” الخلايا.
4. فقدان الوزن غير المقصود: في السكري من النوع الأول، يلجأ الجسم إلى حرق الدهون والعضلات للحصول على الطاقة بسبب عدم قدرته على استخدام الجلوكوز، مما يؤدي إلى فقدان الوزن. هذا العرض أقل شيوعًا في النوع الثاني.
5. الإرهاق: نقص الطاقة في الخلايا بسبب عدم وصول الجلوكوز إليها يسبب شعورًا بالتعب والإرهاق المستمر.
6. عدم وضوح الرؤية: ارتفاع السكر في الدم يمكن أن يسبب تورم عدسة العين، مما يؤثر على التركيز البصري ويسبب رؤية ضبابية.
7. بطء التئام الجروح: فرط سكر الدم يضعف الدورة الدموية وجهاز المناعة، مما يبطئ عملية شفاء الجروح ويزيد من خطر الإصابة بالعدوى.
8. الالتهابات المتكررة: ضعف المناعة الناتج عن ارتفاع السكر يزيد من الإصابة بالتهابات الجلد، الفطريات، أو التهابات المسالك البولية.
9. اسوداد الجلد (Acanthosis Nigricans): يظهر في السكري من النوع الثاني، حيث تظهر بقع داكنة في مناطق مثل الرقبة أو الإبطين، وهو مرتبط بمقاومة الأنسولين.

تنبيه: هذه الأعراض قد تكون طفيفة، لكنها مؤشر مهم لضرورة إجراء الفحوصات، خصوصًا إذا كانت مجتمعة أو مستمرة.

ملاحظات إضافية:

• في السكري من النوع الأول، قد تظهر أعراض خطيرة مثل القيء أو رائحة الفم الكيتونية (تشبه رائحة الفاكهة) نتيجة الحماض الكيتوني السكري، وهي حالة طارئة تتطلب تدخلًا طبيًا فوريًا.
• في النوع الثاني، قد لا تظهر أعراض واضحة لسنوات، مما يجعل الفحوصات الدورية ضرورية، خاصة للأشخاص المعرضين للخطر (مثل من لديهم سمنة أو تاريخ عائلي).
• تشير الدراسات إلى أن نسبة كبيرة من المصابين بالسكري من النوع الثاني لا يتم تشخيصهم إلا بعد ظهور مضاعفات، مما يبرز أهمية الانتباه للعلامات المبكرة.

إذا لاحظت أيًا من هذه الأعراض، خاصة إذا استمرت أو تفاقمت، يُنصح باستشارة الطبيب فورًا لإجراء الفحوصات اللازمة.

تحاليل الدم المطلوبة لتشخيص السكري

يُشخَّص مرض السكري من خلال قياس مستويات السكر في الدم عبر تحاليل دم معيارية. تُستخدم هذه الاختبارات لتحديد ما إذا كان الشخص مصابًا بالسكري، مقدمات السكري، أو ضمن النطاق الطبيعي. فيما يلي الاختبارات الرئيسية ومعاييرها وفقًا لتوصيات الجمعية الأمريكية للسكري:

الاختبار	الوصف	السكري	مقدمات السكري	النطاق الطبيعي
اختبار سكر الدم الصائم (FPG)	يقيس سكر الدم بعد صيام 8 ساعات على الأقل.	≥126 ملغ/ديسيلتر	100-125 ملغ/ديسيلتر	<100 ملغ/ديسيلتر
اختبار تحمل الجلوكوز (OGTT)	يقيس سكر الدم بعد ساعتين من شرب محلول يحتوي على 75 غرام جلوكوز.	≥200 ملغ/ديسيلتر	140-199 ملغ/ديسيلتر	<140 ملغ/ديسيلتر
اختبار A1C	يقيس متوسط سكر الدم خلال 2-3 أشهر، لا يتطلب صيامًا.	≥6.5%	5.7%-6.4%	<5.7%
سكر الدم العشوائي	يقيس سكر الدم في أي وقت، يُستخدم مع وجود أعراض واضحة.	≥200 ملغ/ديسيلتر (مع أعراض)	–	–

ملاحظات هامة:

• عادةً، يتطلب تشخيص السكري تأكيد النتيجة بإعادة الاختبار في يوم آخر، إلا إذا كانت هناك أعراض واضحة (مثل العطش الشديد وكثرة التبول) مع مستويات سكر مرتفعة جدًا.
• اختبار A1C مريح لأنه لا يتطلب صيامًا، لكنه قد لا يكون دقيقًا في حالات مثل فقر الدم أو أمراض الكلى.
• بالنسبة للسكري الحملي، تُجرى اختبارات خاصة (مثل اختبار تحمل الجلوكوز) بين الأسبوع 24 و28 من الحمل.

يُنصح بإجراء هذه الاختبارات في مختبر معتمد لضمان الدقة، ويجب مناقشة النتائج مع طبيب مختص لتحديد الخطوات التالية.

الفرق بين مقدمات السكري والسكري الفعلي

مقدمات السكري حالة تتسم بارتفاع مستويات السكر في الدم عن المعدل الطبيعي، لكنها لا تصل إلى المستوى الذي يتم فيه تشخيص السكري بشكل رسمي. وهي مرحلة حرجة لكنها قابلة للانعكاس.

الفرق الأساسي:

المعيار	مقدمات السكري	السكري
السكر الصائم	100-125 mg/dL	126 mg/dL أو أكثر
HbA1c	5.7% – 6.4%	6.5% أو أكثر
OGTT (بعد ساعتين)	140-199 mg/dL	200 mg/dL أو أكثر

الأهمية السريرية:

• الأشخاص المصابون بمقدمات السكري لديهم فرصة لمنع أو تأخير الإصابة بالسكري من النوع الثاني عبر تغييرات في نمط الحياة، مثل فقدان 5-10% من وزن الجسم وزيادة النشاط البدني.
• تشير الدراسات إلى أن فقدان الوزن بنسبة 10-15 رطلًا يمكن أن يقلل مخاطر الإصابة بالسكري بنسبة تصل إلى 58% لدى الأشخاص المصابين بمقدمات السكري.
• على عكس السكري، قد لا تظهر أعراض واضحة في مقدمات السكري، مما يجعل الفحوصات الدورية ضرورية للأشخاص المعرضين للخطر (مثل من لديهم سمنة أو تاريخ عائلي).

لماذا تعتبر مقدمات السكري مهمة؟

• تعتبر فرصة ذهبية للتدخل الوقائي.
• تعديل النمط الغذائي والنشاط البدني يمكن أن يمنع تطور الحالة إلى سكري فعلي.
• بعض الأشخاص لا يشعرون بأي أعراض في هذه المرحلة.

كيف تمنع التحول إلى سكري كامل؟

• فقدان الوزن بنسبة 5-7% من وزن الجسم.
• ممارسة 150 دقيقة من الرياضة أسبوعيًا.
• تقليل استهلاك الكربوهيدرات البسيطة والدهون المشبعة.

إقرأ ايضا: قائمة الأطعمة التي ترفع أو تخفض خطر الإصابة بمرض السكري: دليلك الشامل

خاتمة

مرض السكري حالة يمكن إدارتها بنجاح إذا تم اكتشافها مبكرًا. إذا كنت تعاني من أعراض مثل زيادة العطش، كثرة التبول، أو الإرهاق، أو إذا كنت معرضًا للخطر بسبب عوامل مثل السمنة أو التاريخ العائلي، فمن الضروري استشارة الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة. الكشف المبكر والتدخل المناسب، سواء عبر تغييرات في نمط الحياة أو العلاج الطبي، يمكن أن يمنع المضاعفات ويحسن نوعية الحياة.

المصادر

• Cleveland Clinic: Diabetes Overview
• American Diabetes Association: Diagnosis Criteria
• World Health Organization: Diabetes Factsheet
• Mayo Clinic: Diabetes Symptoms and Causes